السبت، 8 سبتمبر 2018

سماحة شيح الإسلام ابن تيمية في التعامل مع خصومة

سماحة شيح الإسلام ابن تيمية في التعامل مع خصومة

وشى بشيخ الإسلام بعض العلماء وكذبوا عليه وألّبوا الحكام والأمراء عليه؛ فسُجن وعذب ، وتولى كِبر ذلك الشيخ الصوفي " نصر المنبجي" والأمير ركن الدين بيبرس تلميذ المنبجي ، وجماعة من الفقهاء والعلماء ، الذين ناصروا الحاكم بيبرس في انقلابه ضد السلطان ناصر بن قلاوون.

ولكن شاء الله أن تزول أمارة بيبرس ويضم السلطان ناصر بن قلاوون دمشق ومصر إلى حكمه ، فأخرج شيخ الإسلام من السجن معززاً مكرماً مبجلاً ، ويصل الشيخ إلى بلاط السلطان فيقوم له السلطان تكريماً واحتراماً ويضع يده بيد ابن تيمية ويدخلان على كبار علماء مصر والشام ... !

وحدث السلطان ناصر قلاوون شيخ الإسلام ابن تيمية عن رغبته في قتل بعض العلماء والقضاة بسبب ما عملوه ضد السلطان وما أخرجه بعضهم من فتاوى بعزل السلطان ومبايعة بيبرس، وأخذ السلطان يحث ابن تيمية على إصدار فتوى بجواز قتل هؤلاء العلماء، ويذكره بأن هؤلاء العلماء هم الذين سجنوه وظلموه واضطهدوه بل وطالبوا بقتله، وأنها حانت الساعة للانتقام منهم !

فما كان من شيخ الإسلام إلا أن يقف موقفًا يسجله له التاريخ فقال للسلطان: "إنك إن قتلت هؤلاء، لا تجد بعدهم مثلهم من العلماء." فقال له قلاوون: إنهم قد آذوك وأرادوا قتلك مرارا. فقال أبن تيمية "من آذاني فهو في حل، ومن آذى الله ورسوله فالله ينتقم منه، وأنا لا أنتصر لنفسي." وظل ابن تيمية يهدئ السلطان حتى حلم عنهم وصفح. (البداية والنهاية 14-61)

وكان قد حصل قبل ذلك خلاف بين قاضي المالكية ابن مخلوف وشيخ الإسلام ابن تيمية في عدد من المسائل، فكتب ابن مخلوف إلى السلطان قائلا عن ابن تيمية :"يجب التضييق عليه إن لم يقتل , وإلا فقد ثبت كفره " (العقود الدرية (26))

فكان رد ابن تيمية في حينها:" وأنا والله من أعظم الناس معاونة على إطفاء كل شر فيها وفي غيرها وإقامة كل خير ، وابن مخلوف لو عمل مهما عمل والله ما أقدر على خير إلا وأعمله معه ولا أعين عليه عدوه قط . ولا حول ولا قوة إلا بالله . هذه نيتي وعزمي ، مع علمي بجميع الأمور . فإني أعلم أن الشيطان ينزغ بين المؤمنين ولن أكون عونا للشيطان على إخواني المسلمين " مجموع الفتاوى (3/271) .

وبعد ما رأى ابن مخلوف من موقف وعفو شيخ الإسلام اين تيمية، فقال ابن مخلوف: "ما رأينا مثل ابن تيمية، حرّضنا عليه فلم نقدر عليه، وقدر علينا فصفح عنّا، وحاجج عنّا." (البداية والنهاية 14-61)

وعندما غضب السلطان على الشيخ البكري المالكي فأراد الانتقام منه وقتله , توسط له ابن تيمية وسعى إلى تخليصه من المحنة التي وقع فيها مع أنه كان من أشد الناس الساعين إلى قتل ابن تيمية , ومن أشد من تبنى القول بجواز الاستغاثة بالأموات (الجامع لسيرة ابن تيمية (479))

رحم الله الشيخ القدوة ابن تيمية. اسأل الله ان يخلف لنا شيوخا مثله في علمه وأدبه