الجمعة، 5 أغسطس 2016

الترحم على الميت غير المسلم

مات، رحمه الله؟

قال نبينا صلى الله عليه وسلم ان الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، بمعنى المسلمين سيأتي ايام ويستغربون من شعائر الاسلام لانهم لم يألفونها.
ونحن نعيش هذه العقود صحوة اسلامية، نكتشف فيها ديننا بعد ان كان في صدور الكتب وعند قلة من المسلمين، الان نحن نجدد الدين ونعيد نشر فهمه الصحيح بين كل المسلمين. ولا غرابة ان نجد الاحكام احياننا مستهجنة، فهي اشياء لم نألفها، بل الفنا عكسها وعشنا عليها دهرا.
اما حكم الترحم على غير المسلم اذا مات، وهذا يشمل الوثني والهندوسي واليهودي والنصراني، فاتمنى منك ومن كل القراء المسلمين قراءة ما يلي بروح الانصاف وتحري الصحة العلمية والامانة الشرعية. انا لا اريد الاساءة لأي شخص، واتمنى ان تبقى الردود في مستوى الحوار المهذب والاحترام المتبادل.
فان الله قال ( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ )
نزلت آيه في الكفار وهي ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ). فلما مات عبد الله بن سلول راس المنافقين، اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يستغفر له اكثر من 70 مرة لعل الله يغفر له، فانزل الله ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ولا تعجبك )
وروى مسلم في صحيحه ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي .
ولم يكن من فعل النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء للكفار بالرحمة، فقد روى الترمذي وابو داوود كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ ، فَيَقُولُ ( يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ) .
فلا يجوز الدعاء لمن مات على الكفر بالرحمة، اما الحي منهم فاجاز الكثير من العلماء الدعاء له بالرحمة بنية اي ان يتوبوا من الكفر والشرك ثم يرحمهم الله.
نقل الامام النووي (الشافعي) "الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة : حرام بنص القرآن والإجماع ." المجموع " ( 5 / 119 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنَّة والإجماع .
" مجموع الفتاوى " ( 12 / 489 ) .
فالدعاء لغير المسلم الميت بالرحمة غير جائز بنص القرآن والسنة، واجماع الاجيال الأولى من المسلمين كما نقل النووي وابن تيمية.
من جهة اخرى، الاسلام لا يدعوا الى معاملة غير المسلمين خصوصا اهل الذمة الا بالرحمة والبر، وكان النبي وصحابته يحسنون الى جيرانهم من غير المسلمين. ولكن عندما تكون المسألة مسألة عقيدة ودين فلا يوجد مجال للمجاملة.
من احساننا الى زملائنا واصدقائنا وجيراننا من الكفار خصوصا والنصارى في هذه الحالة ان نكون واضحين وصادقين معهم، ونخلص لهم في النصيحة، انهم لو ماتوا على المعتقد الذي هم عليه فانهم خالدون في نار جهنم. هذا من اساسات ديننا، لا نجاة بعد البعثة المحمدية على صاحبها الصلاة والسلام الا بالاسلام. ولا يعذر الا من لم تصله الرسالة او وصلته مشوههة جدا. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار )
فان امساكنا عن الترحم على موتاهم، وهم سيلاحظون ذلك ولا شك، فهذا هو جزء من اقامة الحجة وتوصيل الرسالة.
اجاز العلماء والائمة تعزية غير المسلم بكلام ليس فيه ترحم ودعاء بالمغفرة، مثلا نقول "البقية في حياتك" او "اسال الله ان يصبركم ويهون عليهم مصابكم" او اي شيء مما تعارف عليه من غير ترحم واستغفار.
والله الذي لا اله الا هو انها اغلى واحسن نصيحة ممكن ان نعطيها لهم. توبوا من الشرك واسلموا حتى تنجوا
والله اننا نغشهم ونخدعهم، وبئس الاصدقاء نحن، اذا لم ننصحهم هذه النصيحة
يخلدون في نارجهنم بسبب هذا الذنب، ونحن نجاملهم ولا ننصحهم؟
وقد اخبرنا ربنا بكلام عيسى بن مريم بالدنيا قبل رفعه، وبمحادثة ستحدث يوم الحساب بين الله عز وجل ونبيه عيسى عليه السلام في سورة المائدة، اختم بها كلامي
الموقف في الدنيا
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ( 72 ) لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ( 73 ) أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ( 74 ) ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون)
والمحادثة في الآخرة
(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله
قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق
إن كنت قلته فقد علمته
تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب
ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم
وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم
وأنت على كل شيء شهيد )

وهذه بعض المراجع لمن اراد الاستزادة او التحقق