الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

بين الشيخ ابن باز والشيخ يوسف القرضاوي

العالمين الكبيرين، بالرغم من الخلاف بينهما في الكثير من القضايا، والردود المتبادلة، إلا ان لغة الأدب والود كانت دائما حاضرة بينهما.

فالشيخ ابن باز عندنا كان يرد على الشيخ القرضاوي كان دائما يذكره باحترام وأدب، ويقول "فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي" ويقول "الشيخ يوسف وفقه الله"

وهذه بعض الأمثلة من موقع الشيخ ابن باز

http://www.ibnbaz.org.sa/mat/8682
http://www.ibnbaz.org.sa/mat/8592

وفي المقابل، عندما توفي الشيخ ابن باز، هذا بعض ما ذكره به الشيخ القرضاوي، منقولا عن حلقة من برنامج الشريعة والحياة، بثتها قناة الجزيرة بتاريخ 16/5/1999

في الحقيقة إن مناقب الشيخ عبد العزيز بن باز -يعني- كثيرة ورحبة، ولا يتسع المقام للحديث عنها، فقد أوتي الرجل من مكارم الأخلاق ومن خصائل الخير ومن الفضائل الجمة ما لم يؤت غيره، كان مهذباً، الحقيقة لم أسمعه يجرح أحداً، كنا في المجمع الفقهي وهناك من يوافقه وهناك من يخالفه، فما سفه رأي أحد، ولا جرح مشاعر أحد، كان مهذباً فعلاً، وكان زاهداً في الدنيا، وكان متواضعاً في غاية من التواضع، وكان كريماً مائدته ممدودة لكل الناس، كان فيه الكثير من خصال الخير، وكان رفيقاً فيما يأتي وفيما يدع في علاقته بولاة الأمور، وفي علاقته بمخالفيه.

وكان رجلاً رفيقاً فيه قبس من أدب النبوة، ما ذكر ما مدح الله تعالىرسوله -عليه الصلاة والسلام- حينما قال (فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).

كان الرجل يتحرك على قضايا المسلمين، على مآسي المسلمين، ولا يدع أي فرصة إلا وينصح فيها، إما بالمشافهة وإما بالكتابة، كان هذا الرجل لم يتميز فقط بسعة العلم، وغزارة المادة، وهو والحمد لله قد أوتي التبحر في علوم الشريعة في علم الفقه والتوحيد والحديث والتفسير، وعلوم العربية حتى إني لم أره يلحن مرة واحدة، وأرى كثيرين من الدكاترة والأساتذة -للأسف- ينصبون المجرور، ويرفعون المكسور، ولكن الشيخ كان دقيقاً جداً في هذا رحمه الله، فكان العلامة، ولكن ليس للعلم وحده.

كان رجلاً ربانياً، السلف -رضي الله عنهم- قالوا: الرباني هو الذي يعلم ويعمل ويعلم، وهو كان هؤلاء جميعاً، كان يعلم، كان علامة بالفعل، حافظاً من حفاظ السنة، له تعليقات على فتح الباري، وصحح فتح الباري، وهذه الطبعة المصححة بقراءة الشيخ ابن باز أو القراءة عليه معتمدة عند أهل العلم، كان في كل أسبوع يُعلق على أحاديث (منتقى الأخبار من أحاديث سيد الأخيار) للجد ابن تيميه، ويحاوره أحد تلاميذه أو أحد العلماء في المملكة مما يدل على حضور الرجل، وسعة علمه بالسنة.

لقد خسرت الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها واحداً من أبرز الرجال الذين عاشوا دعاة لله، لساناً من ألسنة التوحيد، وبحراً من بحور الفقه، وجبلاً من جبال العلم، الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يغفر له ويرحمه ويتقبله في الصالحين، ويجزيه عما قدم لدينه ولأمته خير ما يجزي العلماء العاملين، والدعاة الصادقين، والأئمة المجتهدين، اللهم آمين، اللهم عوضنا فيه خيراً.

النقل فيه بعض التصرف في الترتيب.


 وهذا رابط الحلقة على موقع قناة الجزيرة

http://www.aljazeera.net/programs/religionandlife/2004/6/3/%D9%81%D9%82%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-3

كم نحن بحاجة لمثل هذا الخلق ولمثل هذه السعة في الصدر، وقبول أخطاء المسلمين السنة بالرغم من الخلاف. في اعتقادي ان الشيخ ابن باز والشيخ القرضاوي يجب ان يكونا قدوة لتلاميذهم في أدب الخلاف والرد. وكم سيصلح حال الأمة لو تزود الدعاة بمثل هذه الأخلاق.